نعيش حرباً ثالثة غير معلنة والحلف الاطلسي يشنّها على الدول
منذ 11 ايلول 2001 بدأت حرب عالمية ثالثة غير
معلنة من قبل الولايات المتحدة وما تمّ تسميته بالتحالف الدولي الى ان اصبح
الحلف الاطلسي هو الذي يقود الحرب مباشرة وتمّ احتلال افغانستان، والذي
يرى القدرة العسكرية الموضوعة لاحتلال افغانستان يرى انها ليست حرباً
تقليدية او عادية. فالولايات المتحدة تمدّ افغانستان بجسور جويّة لا حدود
لها، حتى ان واشنطن طلبت من موسكو استعمال اجواء روسيا لنقل العتاد
والسلاح، اضافة الى ممرّات جوّية عبر باكستان والدول المجاورة كلّها، وفي
كل يوم تهبط في افغانستان اكثر من 40 طائرة نقل اميركية لشحن ذخيرة واسلحة،
على قاعدة ان الولايات المتحدة تعتبر نفسها ضربت القاعدة والعرب الافغان،
وهي تمهّد لعوددة طالبان الى الحكم، لكن على اساس بقاء الولايات المتحدة في
افغانستان ضمن قواعد عسكرية، وكل ذلك في حرب عالمية ثالثة من اجل السيطرة
على الطاقة فالولايات المتحدة تريد مدّ انابيب النفط من بحر قزوين الى
افغانستان الى الشاطئ الباكستاني، ولا يهمّها من يحكم افغانستان.
في الأساس اميركا هي التي انشأت طالبان والقاعدة عبر تدريبها
لعناصرهما من اجل الحرب ضدّ الاتحاد السوفياتي يوم كان يحتلّ افغانستان
وهزمته طالبان والقاعدة بدعم اميركي وعربي وخاصة سعودي ،وتوغلت المخابرات
الاميركية عميقاً في طالبان، وحتى ان حوادث 11 ايلول هي حوادث مشبوهة
للمخابرات الاميركية وغيرها، لكنها تدخل في اطار الفرضيات التي نطرحها ولا
يستطيع احد في العالم تأكيد ذلك، لانها فرضية من الصعب للغاية اثباتها.
جاءت بنازير بوتو الى باكستان بعد سقوط برويز مشرّف، لكن المخابرات
الاميركية كان لها ضلع في اغتيال بنازير بوتو ولم يحصل اي تحقيق في باكستان
بشأن الموضوع،لان بنازير بوتو رفضت اعطاء كلّ التسهيلات الاميركية التي
تريدها من باكستان.
باكستان ارادت معرفة مستقبل المنطقة قبل السير في الخطّة الاميركية،
هذا كان شرط بنازير بوتو، لكن جرى اغتيالها في عملية غامضة لم يحاكم فيها
القتلة، ودلّت هنا اصابع الاتهام بقوّة على المخابرات الاميركية، ثم جاءت
حرب العراق لتسيطر اميركا على ثاني اغنى بلد في العالم بالنفط تحت عنوان
اسلحة الدمار الشامل، وشهدت الكثير من الكذب اعترف به وزير خارجية اميركا
كولن باول ورئيس المخابرات جورج تينت الذي استقال، كما شهدنا عملية ارسال
رسائل فيها مادة «الانتراكس» الكيميائية وإثارة الرعب في صفوف الرأي العام
الاميركي والقول ان 10غرامات في رسالة تقتل 50 شخصا الى 100 شخص، فكيف
والحال ان صدّام حسين يمتلك 7 اطنان اي 7آلاف كلغ من هذه المادة!.
وعلى هذا الاساس، قامت اميركا بإحتلال العراق والهجوم عليه وانتهت قصة
رسائل «الانتراكس» في الولايات المتحدة بمجرّد احتلال الجيش الاميركي
العراق، ولم يسأل احد من كان يرسل هذه الرسائل ولماذا توقّفت، ومن يملك في
الولايات المتحدة هذه المادة من الاسلحة الكيمائية لإرسالها برسائل وتخويف
الرأي العام، دون ان تقتل مواطنا واحدا، طالما انه في كل مرة كانت الشرطة
الاميركية للمباحث تجد الرسالة وفيها مادة «الانتراكس» قبل ان يفتحها احد
ويتمّ تعميم الخبر على التلفزيون الاميركي او كل الشاشات الاميركية، واثارة
الرعب لدى الرأي العام من رسائل «الإنتراكس» التي انتهت في الولايات
المتحدة دون تحقيق ودون كشف من كان يرسلها بإستثناء ان استاذ جامعة كان
وراء هذه العملية الخادعة التي لا يصدّقها احد، المهم ان الجزء الثاني في
الحرب العالمية الثالثة جرى في العراق واقامت الولايات المتحدة تسع قواعد
جوية وعسكرية من اكبر قواعد الجيش الاميركي في العالم، وسيطرت على مصادر
النفط في العراق ومن اجل عدم حصول حرب مقاومة ضدّ الجيش الاميركي بصورة
مستمرّة قامت بتقسيم العراق استراتيجياً -احدى اهدافها- وتنفيذ المخطط
الاسرائيلي لتقسيم بلاد ما بين النهرين وضرب الاحتياط الإستراتيجي للاردن
ولبنان وسوريا على الجبهة الشرقية ضد اسرائيل ، وجعل العراق ساحة دموية
وتسليم سلطة شكلية لا تحكم العراق، بعدما تمّ اتخاذ قرار فوري بحل الجيش
العراقي وعدم اقامة جيش بديل عنه.
وكما في افغانستان انسحبت القوات الاميركية الى قواعدها، ولا مانع لدى
اميركا من نفوذ ايراني في العراق يسيطر عليه، ولا يمانع من نفوذ سوري في
العراق، المهم ان العراق اصبح تحت السيطرة الاميركية بطاقاته النفطية لمدة
50سنة، كما يخطّط الحلف الاطلسي وواشنطن، وكما في افغانستان ليس من مشكلة
لأن الاميركيين لم يمانعوا بأن تحكم طالبان افغانستان تدريجيا عبر
المفاوضات التي يجريها الجنرال باتريوس مع قيادة طالبان، وهذا ما حصل في
العراق حيث تم تسليم الحكم في العراق لحكم موال لإيران، شرط ان تبقى
القواعد العسكرية الاميركية في العراق، ورحّبت الولايات المتحدة بزيارة
الرئيس الايراني احمدي نجاد الى العراق التي زارها والجيش الاميركي يحتلّ
العراق كلّه رغم العداء الإيراني لأميركا.
اليوم الجمعة، هو اليوم الثاني لإعتماد قرار ان الحلف الاطلسي مسؤول عن
الحرب في ليبيا، وان قادة الحلف الاطلسي باتوا مسؤولين عن ادارة العمليات
الحربية بدلا من فرنسا التي بدأت القصف الجوي مع بريطانيا ثم انتهى الامر
على اصرار الحلف الاطلسي على إدارة العمليات الحربية، وكما في افغانستان
دلّلت وربّت الإدارة الاميركية طالبان ثم ضربتها لتعيدها الى الحكم مع
اقامة قواعد عسكرية اميركية في افغانستان، وكما في العراق دعمت اميركا
صدّام حسين في حربه ضد ايران ودلّلته واعطته ما يريد ثم ضربته عسكرياً
واقامت تحالف مع حكم موالي لإيران، وفي ذات الوقت فتحت علاقتها مع القوى
الموالية لصدام حسين، وكل ذلك من اجل ابقاء القواعد العسكرية الاميركية في
العراق.
المخابرات الاميركية ليست بعيدة عن حرب اليمن، وليست بعيدة اميركا عن
اسقاط الرئيس حسني مبارك الذي اعطته كل الدعم ثم طلبت منه ان يتنحّى،
وهكذا في ليبيا، تركت الولايات المتحدة القذافي يحكم ليبيا 42 سنة طالما ان
مصالحها في النفط مؤمنة، لكن الساعة دقّت لتسيطر اميركا على نفط ليبيا،
فقرّرت قيادة الحلف الاطلسي القيام بعمليات قصف جوي والاطاحة بالقذافي،
لكنها عمليا لا ترفض بقاؤه اذا تمّت اقامت قواعد عسكرية اميركية في ليبيا،
لان الواضح هو انها تارة تدعم الثوّار بطريقة غير مباشرة عبر قصف قوات
القذافي ولا تقوم بتسليح الثوّار وتمنع عنهم الاسلحة، وفي ذات الوقت، تترك
احيانا كتائب القذافي تضرب الثوّار ويعود القذافي لاجتياح مدن احتلّها
الثوّار، وكأن 150 طائرة عسكرية تابعة للحلف الاطلسي غير قادرة على شلّ
حركة كتائب القذافي، والسبب هو ان الولايات المتحدة تريد السيطرة على
الثروة النفطية في ليبيا مع الحلف الاطلسي وادارتها.
اما في البحرين، فعندما اهتزّ الوضع اهتزّ وضع النفط في الخليج قبالة
السعودية والإمارات فتدخلت قوات «درع الجزيرة» برعاية اميركا الى البحرين
وانهت الوضع، فيما القواعد الاميركية منتشرة في البحرين وقطر والطائرات
الاميركية موجودة في كل منطقة الخليج، اضافة الى وجود الاسطول السادس
الاميركي المؤلف من 56 قطعة بحرية من احدث القطع البحرية، كما تمّ استقدام
بوارج بحرية وحاملة طائرات من الاسطول السادس في المحيط الهادئ لتقترب من
البحر الاحمر قبالة شواطئ اليمن تمهيداً لعمل عسكري محتمل.
ما الذي حصل في ليبيا؟ حصلت مظاهرات وثورة شعبية، فقرّر الحلف الاطلسي
تقريبا احتلال ليبيا والسيطرة على نفطها واقامة قواعد عسكرية مستقبلا فيها،
وما حصل في ليبيا حصل اكثر منه بكثير في افريقيا، ففي اوغندا وفي ساحل
العاج وفي دارفور سقط اكثر من مليون قتيل، ومع ذلك لم يتدخّل الحلف الاطلسي
لأن لا ثروة نفطية هناك، ولا مصالح اميركية استراتيجية في المنطقة، ونحن
الآن نرى احتلال ليبيا مع عدم اسفنا على سقوط القذافي، ولكن بلداً عربياً
يحتلّه الحلف الاطلسي والدول العربية تتفرّج وها هو العالم العربي والعالم
الاسلامي حيث توجد طاقة النفط يسيطر عليه الحلف الاطلسي وتتفرّج عليه الدول
العربية والدول الإسلامية.
في العالم اليوم، ليس هناك من توازن، 85% من ثروات العالم والانتاج
والطاقة هي في يدّ اميركا واوربا واليابان من الناحية التكنولوجية و15% لدى
بقية الدول كلها، اما الصين التي تعتبر دولة غنية ومنتجة فليس لديها
اختراعات تكنولوجية بإستثناء انها البلد الاول في التجارة، فهي تسيطر على
45 % من تجارة العالم، لكن كل اختراعات اميركا واوروبا واليابان يتمّ
تصنيعها في الصين نظراً لليدّ الرخيصة في الصين، لكن الصين لم تقدّم اختراع
تكنولوجي جديد على مستوى شركات التكنولوجيا والكومبيوتر بل شركات
«ميكروسوفت» و«ابل» و«توشيبا» و«سوني» تتفوّق على الصين وتسبقها 10 سنوات
بالإختراعات، انما الصين هي دولة تجارية بإمتياز، هناك فارق في الثروة بين
الدول الغربية واميركا بحدود 10مرات اكثر من ثروة البلدان العربية
والاسلامية والآسيوية ومن اجل تعزيز هذه السيطرة من الحلف الاطلسي نحن نعيش
الحرب العالمية الثالثة، من احتلال افغانستان الى احتلال العراق الى
احتلال البحرين او لنقل اعادة الحكم فيه وتعزيزه، واليوم احتلال ليبيا، اما
احتلال افغانستان فمن اجل النفط في بحر قزوين لمدّ اكبر شبكة انابيب نفط
من بحر قزوين الى شواطئ باكستان، اما العراق الذي يملك 30% من احتياط النفط
في العالم احتلّته اميركا وسيطرت على شركاته النفطية، اما ليبيا الذي يصل
احتياطها من النفط بين 9و21% فاحتلتها اميركا تدريجياً عبر تدخّل الحلف
الاطلسي والغارات الجوية عليها حالياً ولا نعرف نهاية الاحداث، لكن ماذا
تستطيع انت تفعل ليبيا في وجه الحلف الاطلسي وقبل ذلك حصلت حرب صدام حسين
على الكويت وقامت اميركا بتحرير الكويت واقامة قاعدة عسكرية كبيرة، مع
العلم ان الكويت لديه 9% من احتياط النفط العالمي ونرى ان الولايات المتحدة
دعمت طالبان ضدّ الاتحاد السوفياتي في افغانستان ثم ضربتها لتصل الى
النتيجة التي تريد واميركا دعمت صدام حسين في حربه على ايران واعطته
انطباعا ان احتلال الكويت ليس مشكلة وتمّ ضربه واحتلت الكويت والعراق، كما
انها حافظت على نظام القذافي 42سنة، وها هي اليوم تحتلّ ليبيا تقريبا
ومجموع الدول التي تحتلها اميركا مع الحلف الاطلسي يمثلّ 61% من احتياط
العالم من النفط، وهي الحرب العالمية الثالثة من اجل الطاقة، من الآن الى
عام 2050 سيكون سعر النفط في ارتفاع نظرا لأنه طاقة غير متجدّدة، فهو ليس
مثل الماء تتجدّد الطاقة بها كل سنة بل ان آبار النفط عندما ينتهي مخزونها
ينتهي وجودها، ومن الآن حتى عام 2050 طاقة النفط هي الاساس والحلف الاطلسي
يحتلّ هذه الدول للسيطرة على الطاقة، وقد ارتفع سعر برميل النفط من 13
دولارا الى 114 دولارا خلال 3 سنوات والمستفيد الاكبر هو الشركات الاميركية
التي تنتج النفط مع شركتين بريطانية وفرنسية الشركة البريطانية هي British
Petrolum والثانية فرنسية وهي شركة Total والولايات المتحدة تحظى بـ60 الى
65% من عقود النفط والباقي لبريطانيا وفرنسا، اما دور الصين في النفط فهو
في انشاء مصافي لتكرير النفط وايجاد عمال للعمل في هذه المصافي، والدليل
على ذلك ان 36الف عامل صيني كانوا يعملون في ليبيا في مصافي النفط
وتكريرها، بينما كان يوجد 120 مهندسا وتقنيا اميركيا، لكن العقد الاساسي هو
مع شركة اميركية لإستخراج النفط halliburton التي احد اعضاء مجلس ادارتها
ديك تشني نائب الرئيس الاميركي الاسبق جورج بوش والذي تولّى مجلس ادارتها 7
سنوات قبل ان يصبح نائبا لرئيس الجمهورية الاميركي.
افغانستان سقطت في آسيا الصغرى، العراق احتلتها اميركا والكويت والخليج
تحت الاحتلال الاميركي واليوم ليبيا جاء دورها، وهكذا نعيش الحرب العالمية
الثالثة من اجل الطاقة تحت عناوين الديموقراطية ولو كانت اميركا جادّة
حقيقية في مسألة الديموقراطية، لكانت اهتمّت بالديموقراطية في افريقيا ودول
آسيوية حيث تعيش انظمة ديكتاتورية بكل معنى الكلمة ولا تتحدّث عنها، لكن
اميركا تريد الديموقراطية في الدول النفطية لإحتلالها، وطبعا عندما نقول
اميركا نقول الحلف الاطلسي الذي تقوده اميركا.
المشكلة الكبرى، ان العالم يعيش ازمة عدم توازن بين دول غنية دول حلف
الاطلسي تملك 85% من الثروات ومعدّل دخل الشهر الفردي في هذه الدول 1500
دولار، بينما في الدول العربية والدول الإسلامية يصل معدّل دخل المواطن الى
20دولاراً، وهذا الفارق في الثروة بين العالم الغربي والإسلامي والآسيوي،
لا يسأل عنه الحلف الاطلسي مع انه الاساس في عدم الاستقرار في العالم وهو
يؤدي الى استمرار الحرب الناشئة بين الغرب والشرق.
وهذا الشرق الفقير الذي لديه 15% من ثروات العالم، بينما الحلف الاطلسي
يملك 85% من الثروات وهو مصدر التوتر، ومع ذلك لا تقدّم دول الحلف الاطلسي
جزء يسير من عائدات ثرواتها من النفط وغيرها الى تلك الدول، بل تخلق لديها
مشاكل لتبيعها اسلحة من اموال النفط التي تحصل عليها الدول النفطية.