قصه الصحابي الجليل سعد بن معاذ رضي الله عنه بالتفصيل
هو سعد بن معاذ بن النعمان بن امرؤ القيس بن زيد بن عبد الاشهل, كنيته: اباعمرو , وامه كبشه بنت رافع بن معاويه ابن الابجر , زوجته: هند بنت سماك بن عتيك بن رافع بن امرؤ القيس بن زيد بن عبد الاشهل وهي عمة( اسيد الخضر ) الصحابي المعروف واحد سادات الاوس.
مولده: ولد سعد في السنه التاسعه عشرة قبل البعثه وهو اصغر من الرسول عليه الصلاة والسلام باحدى وعشرين سنه.
اسلامه: اسلم على يد مصعب بن عمير قبل الهجرة بعامين وقال لبني عبد الأشهل كلام رجالكم ونسائكم علي حرام حتى تسلموا فأسلموا فكان من أعظم الناس بركة في الإسلام0
صفاته: كان سعد بن معاذ رضي الله عنه جسيما جميلا طويلا ابيض اللون, مححب الى النفس وكان هادئا قليل الكلام.عندما هاجر الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المدينة آخي بين سعد بن معاذ ، وسعد بن أبي وقاص رضي الله عنه.
سعد بن معاذ في غزوة بدر: حمل رضي الله عنه لواء الأنصار ، وخطب أمام رسول الله صلى الله عليه وسلم وحث على الجهاد وقال : "فوالذي بعثك بالحق نبياً لو استعرضت بنا البحر فخضته لخضناه معك" . بنى - رضي الله عنه - في بدر عريشاً للنبي صلى الله عليه وسلم ليشرف منه على المعركة ، وقام على باب العريش شاهراً سيفه دفاعاً عن النبي صلى الله عليه وسلم .
سعد بن معاذ في غزوة احد:كان رضي الله عنه من الأبطال ، وكان في طليعة المجاهدين ، وعندما اضطرب الموقف ثبت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقاتل دونه.
سعد بن معاذ في غزوة الخندق: أصيب سعد رضي الله عنه، فكانت إصابته طريقاً إلى الشهادة إذ لقي ربه بعد شهر متأثراً بجراحه ولكنه لم يمت حتى شفي صدراً من بني قريظة حيث حكّمه رسول الله صلــى الله عليه و سلم فيهم فحكم بأن يقتل مقاتليهم وتسبى ذراريهم. وتقسم أموالهم0 فقال رسول الله صلــى الله عليه و سلم:" لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبع" أي سبع سموات.
وفاته: عندما انقضى شأن بني قريظة انفجر بسعد بن معاذ جرحه واستجاب الله لدعوته , وقد شهد مصير بني قريظة وجعلها الله له شهادة وقد ذكر ان النبي عليه الصلاة والسلام قال وقد ذكر الحمى: من كانت به فهي حظه من النار, فسألها سعد ربه, فلزمته فلم تفارقه حتى فارق الدنيا, واجابه الله على سؤاله وسمع دعائه.
اعيد سعد الى قبته التي ضربها له رسول الله في المدينه, فحضره رسول الله عليه الصلاة والسلام وابو بكر وعمر , قالت عائشه: فو الذي نفس محمد بيده اني لاعرف بكاء ابي من بكاء عمر وانا في حجرتي. واخذ الرسول عليه الصلاة والسلام راس سعد ووضعه في حجره , وسجي بثوب ابيض , فقال رسول الله: اللهم ان سعدا قد جاهد في سبيلك, وصدق رسولك,وقضى الذي عليه, فتقبل روحه بخير ماتقبلت به روحاً.فلما سمع سعد كلام رسول الله فتح عينيه ثم قال : السلام عليك يارسول الله, اما اني اشهد انك رسول الله , ولما راى اهل سعد ان رسول الله قد وضع راسه في حجره ذعروا واعتقدوا ان اجله قد حان , وقال سعد: جزاك الله خيراً يارسول الله من سيد قوم , فقد انجزت الله ماوعدته , ولينجزنك الله ماوعدك.
وقد روي ان جبريل عليه السلام اتى رسول الله عليه الصلاة والسلام حين قبض سعد من جوف الليل معتمرا بعمامة من استبرق , فقال: يامحمد من هذا الميت الذي فتحت له ابواب السماء واهتز له العرش؟ فقام الرسول عليه الصلاة والسلام يجر ثوبه الى سعد فوجده قد مات.
وكانت امه تبكي وتقول:
ويل سعد سعدا صرامة وحدا
وسؤددا ومجدا وفارسا معدا
سد به مسدا يقد هاما قدا
فقال عمر بن الخطاب : مهلا ام سعد لا تذكري سعداً فقال الرسول صلى الله عليه وسلم : كل نائحة تكذب الا نائحة سعد بن معاذ
وحمل الناس جنازته و فوجدوا له خفة مع انه كان رجلا جسيما فقالوا ذلك , فقال الرسول عليه الصلاة والسلام: ان له حملة غيركم, والذي نفسي بيده , لقد استبشرت الملائكه بروح سعد واهتز له العرش. فلما دفن سعد تغيروجه الرسول عليه الصلاة والسلام فسبح, فسبح الناس معه ثم كبر وكبر الناس معه فقالوا: يارسول الله مم سبحت؟ قال: لقد تضايق على هذا العبد الصالح قبره حتى فرجه الله عنه.
وروت عائشة رضي الله عنها ان الرسول عليه الصلاة والسلام قال:ان للقبر لضمة لو كان احد منها ناجياً لكان سعد بن معاذ. وقال الرسول عليه الصلاة والسلام لام سعد:الا يرقأ دمعك ويذهب حزنك ان ابنك اول من ضحك الله له واهتز له العرش. واتى رسول الله عليه الصلاة والسلام بثوب من حرير فحعل اصحابه يتعجبون من لينه فقالل الرسول عليه الصلاة والسلام : لمناديل سعد بن معاذ في الجنه الين من هذا .
وروي عن الرسول عليه الصلاة والسلام انه قد حضر جنازة سعد بن معاذ سبعون الفاً من الملائكه نزلوا الى الارض لاول مره . وذكر من حضر قبره ان رائحة المسك كانت تفوح من ذلك التراب .
دفن رضي الله عنه بالبقيع وكان عمره سبعا وثلاثين سنة في سنه خمس من الهجره.
تم بحمد الله
وفقني الله وإياكم فيما يحب ويرضي
-------------------------------------------
واليكم ملفات اخرى تخص الموضوع
هوسعد بن معاذ بن النعمان بن امرؤ القيس بن زيد بن عبد الاشهل وكنيته ابو عمرو
لقد جاءت أنباء عجيبه إلى النبى صلى الله عليه وسلم أنه هناك شىء عجيب يحدث الأن من فوق سبع سماوات، فما هو هذا الأمر؟ هل حدث تغيير فى النظام الكونى؟كلا! هل أصطدم نجم مع نجم أخر؟ كلا!
إذا فما الذى حدث (لقد أهتز عرش مالك الملك و ملك الملوك عز وجل)
*وما الذى جعل عرش مالك الملك وملك الملوك يهتز؟
*هل تعلم مدى عظمه هذا العرش، أقرأ هذا الحديث (حديث قال صلى الله عليه وسلم ((ما السماوات السبع و الأرضيين السبع وما بينهما بالنسبه للكرسى إلا كحلقه ألقيت فى فلاه وما الكرسى بالنسبه للعرش إلا كحلقه ألقيت فى فلاه والرحمن على العرش أستوى))) معنى(حلقه)=خاتم،ومعنى(فلاه)=صحراء
(حديث رواة الترمذى بأسناد حسن قال صلى الله عليه وسلم (( أنى أرى ما لا ترون و أسمع ما لا تسمعون، أدت السماء وحق لها أن تقد ما فيها موضع أربع أصابع إلا وملك ساجدا أو راكع والذى نفسى بيدى لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا و لبكيتم كثيرا و لخرجتم إلى الصعودات تجئرون إلى الله ولما تلذذتم بالنساء على الفرش)) معنى (أدت)=عانت وحق لها أن تعانى
*ولك أن تتخيل أن جبريل عليه السلام قد أستطاع بفضل الله وقوته أن ينزع كل قرى قوم لوط بجناح واحد من 600 جناح
*وبعد كل هذا أهتز العرش لعبد من عباد الله فمن يا ترى هذا العبد أنه صحابى النبى صلى الله عليه وسلم (سعد بن معاذ الأنصارى)
*تعالوا بنا نتعرف كيف دخل النور إلى قلب سعد وكيف كانت قصه أسلامه؟
*لقد كان سعد سيدا فى قومه، وكان مشركا وقتها، فلما أرسل النبى صلى الله عليه وسلم (مصعب بن عمير رضى الله عنه) كأول سفير للدعوه إلى الله فى المدينه المنورة ، فنزل مصعب ضيفا عند (أسعد ابن زرارة ، أبن خاله سعد بن معاذ) بدأ مصعب يأخذ كل من يذهب فى هذا الطريق وبكل رحمه وحنان بدأ يبلغه دعوه النبى صلى الله عليه وسلم، وأسلم على يديه كثير،فلما سمع سعد بن معاذ بأمر مصعب بن عمير، فأمر سعد (أسيد بن الحضير ) أن يذهب إلى هذا الرجل ويقول له أن يخرج من هذا المكان، إلا فسوف نفعل معه ما لا يستطيع أن يرده، فذهب أسيد بن الحضير بعد أن تلقى الأوامر من سعد بن معاذ وأخذ حربته وذهب إلى مصعب بن عمير فلما رأى مصعب ركز الحربه فى الأرض وقال له بكل حده وشده،ما الذى جاء بك إلى هنا تسفل أحلامنا وتسب ألهتنا و تفتن صبياننا أعتزلنا إن كنت فى حاجه ألى نفسك إلا فاعتبر نفسك مقتول، فقال له مصعب بن عمير بكل رحمه أوا تجلس فتسمع فأن رضيت أمرنا قبلته إلا كففنا عنك ما تكرة، فقال له أسيد بن الحضير لقد أنصفت، فأزاح الحربه وجلس يسمع القرأن،(حتى قال أسعد بن زرارة لقد رأينا الأسلام فى وجه أسيد بن الحضير قبل ان يسلم ) بعد أن سمع أسيد القرأن قال : ما احسن هذا الكلام و أجمله! ثم نطق الشهاده ثم قال لهما : إن من ورائى رجلا إن أسلم سوف تسلم قبيلته كلها فقال مصعب ما عليك إلا إن تأتى به إلى هنا،فذهب أسيد بن الحضير إلى سعد فقال له أن بنى حارثه خرجوا ليقتلوا أسعد بن زرارة، فقام سعد مغضبا و أخذ الحربه فلما رأى سعد (مصعب بن عمير، و أسعد بن زرارة) عرف أنما أسيد يريد منه أن يسمع منهما،فقال لهم سعد نفس مقوله (أسيد بن الحضير) فقال له مصعب بكل رحمه أوا تجلس فتسمع فأن رضيت أمرنا قبلته إلا كففنا عنك ما تكرة، فقال له سعد لقد أنصفت فأزاح الحربه، ثم قرأ مصعب عليه القرأن، ثم دخل سعد بن معاذ فى الأسلام، ثم رجع سعد إلى قومه وقال لهم: يا بنى عبد الأشهل، كيف تعلمون أمرى فيكم؟ قالوا:سيدنا و أفضلنا رأيا،قال:فأن كلام رجالكم ونسائكم على حرام حتى تؤمنوا بالله وبرسوله.فيقول الراوى: فوالله ما أمسى فى دار بنى عبد الأشهل رجل و لا امرأة إلا وقد أسلم .
*(موقف تا ريخى فى غزوة بدر) وها هى اللحظه التاريخيه التى أظهر فيها سعد أيمانه وعقيدته فوقف موقفا عظيما لنصره هذا الدين.
*فلما جاءت غزوة بدر وكان عدد المسلمين قليل وكان عدد المهاجرين أقل من عدد الأنصار والرسول صلى الله عليه وسلم بايع الأنصار على أن ينصروه داخل المدينه فقط والمعركه سوف تكون خارج المدينه والمهاجرين أقل من الأنصار فقال صلى الله عليه وسلم (( قال أشيروا على أيها الناس))-فتكلم أبو بكر الصديق فقال وأحسن،ثم قال عمر بن الخطاب فقال وأحسن،وكذلك المقداد بن عمرو، و هؤلاء القاده الثلاثه من المهاجرين،وهم أقليه فى الجيش، فأحب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعرف رأى الأنصار،لأنهم كانوا يمثلون أغلبيه الجيش،فقال صلى الله عليه وسلم (( أشيروا على أيها الناس)) ففطن لذلك قائد الأنصار سعد بن معاذ فقال هذة المقوله الرائعه((والله،لكأنك تريدنا يا رسول الله؟ قال((أجل))،قال سعد :فقد أمنا بك،فصدقناك،وشهدنا أن ما جئت به هو الحق، وأعطيناك على ذلك عهودنا و مواثيقنا على السمع والطاعه، فامض يا رسول الله لما أردت فوالذى بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك، ما تخلف منا رجل واحد ، وما نكرة أن تلقى بنا عدوا غدا، إنا لصبر فى الحرب، صدق فى اللقاء، ولعل الله يريك منا ما تقر به عينك، فسر بنا على بركه الله)))!! ما أجمل هذا الكلام.
*(سعد يحكم بحكم الله من فوق سبع سماوات) فلما جاءت غزوة الخندق فأصاب سعد بجرح كبير فدعا سعد فقال اللهم لا تمتنى حتى تقر عينى من بنى قريظه فيخرجوا من حصونهم ) ورجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينه و أمر بأن تضرب خيمه لسعد حتى يعالج فيها ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم و حاصر يهود بنى قريظه 25 يوم فلما أشتد الحصار على اليهود قالوا ننزل على حكم سعد،فبعث الرسول صلى الله عليه إلى سعد بن معاذ فأتى به على حمار عليه إكاف من ليف قد حمل عليه وحف به قومه، فلما جاء قال له يا سعد هؤلاء حلفاؤك ومواليك و أهل النكايه ومن قد علمت، ثم قال صلى الله عليه وسلم أحكم فيهم يا سعد، قال سعد أأحكم فيهم،قال أجل،قال سعد لقد أتى لى أن لا يأخذنى فى الله لومه لائم،قال سعد: فأنى أحكم فيهم أن تقتل مقاتلتهم وتسبى ذراريهم وتقسم أموالهم) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم، لقد حكمت فيهم بحكم الله عز وجل من فوق سبع سماوات،ثم دعا سعد فقال(اللهم إن كنت أبقيت على نبيك من حرب قريش شيئا فأبقنى لها، و إن كنت قطعت الحرب بينه وبينهم فاقبضنى إليك، فانفجر جرحه)
*(عرش الرحمن يهتز ويشيعه 70 ألف ملك من الملائكه) (حديث أخرجه مسلم و أحمد عن أنس قال صلى الله عليه وسلم (( اهتز عرش الرحمن لموت سعد بن معاذ))
*(حديث رواة الطبرانى عن أسماء بنت زيد بن سكن قالت: لما توفى سعد بن معاذ صاحت أمه فقال النبى صلى الله عليه وسلم(( ألا يرقا دمعك ويذهب حزنك بأن ابنك أول من ضحك الله له و اهتز له العرش)))!!!!! معناه أن العرش اهتز فرحا لقدوم روح سعد،
*(الملائكه تحمل جنازة سعد) عندما حمل القوم جنازة سعد قالوا:ما حملنا يا رسول الله ميتا أخف علينا منه : قالما يمنعه أن يخف وقد هبط من الملائكه كذا و كذا لم يهبطوا قط قبل يومهم، قد حملوه معكم) سبحان الله
-------------------------------
واليكم ملفات اخرى تخص الموضوع
سعد بن معاذ بن النعمان بن امرؤ القيس الأنصاري الأوسي الأشهلي أمه كبشة بنت رافع. صحابي من أهل المدينة، سيد الأوس. يكنى أباعمر. أسلم على يد مصعب بن عمير الذي أوفده الرسول للدعوة في المدينة قبل الهجرة، وقال لبني عبد الأشهل: «"كلام رجالكم ونسائكم علي حرام حتى تسلموا"» فأسلموا فكان من أعظم الناس بركة في الإسلام وأقام مصعب بن عمير في داره يدعو الناس إلى الإسلام. كان سعد وأسيد بن الحضير يكسران الأصنام. ولما هاجر النبي آخى بينه وبين سعد بن أبي وقاص.
في غزوة بدر وأحد
وعندما خرج المسلمون إلى بدر لملاقاة المشركين واستشار النبي الأنصار، فقال سعد: «آمنا بك وصدقناك وشهدنا أن ماجئت به هو الحق وأعطيناك مواثيقنا على السمع والطاعة فامض يارسول الله لما أردت فنحن معك فوالذي بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر لخضناه معك ما تخلف منا رجل واحد وما نكره أن تلقى بنا عدواً غداً إنا لصبر عند الحرب صدق عند اللقاء لعل الله يريك فينا ما تقر به عينك فسر بنا على بركة الله».
فسر رسول الله لقوله، وحمل سعد لواء الأوس في المعركة وأبلى بلاءً حسناً. وشهد أحد مع النبي ، وثبت معه حين ولى الناس وأبدى شجاعة فائقة.
غزوة الخندق وما بعدها ووفاته
وشهد الخندق وروي أنه مر على أمه والسيدة عائشة بنت أبي بكر وعليه درع له خرجت منها ذراعه وفي يده حربة وهو ينشد: «لابأس بالموت إذا حان الأجل» فقالت أم سعد: «الحق يابني قد والله أخرت» فقالت عائشة: «يا أم سعد لوددت أن درع سعد أسبغ مما هي» فخافت أمه عليه فأصابه سهم في ذراعه فقطع أكحله (عرق من وسط الذراع) فقال سعد: «اللهم إن كنت أبقيت من حرب قريش شيئاً فأبقني لها فإنه لا قوم أحب إلي أن أجاهدهم فيك من قوم آذوا نبيك وكذبوه وأخرجوه اللهم إن كنت وضعت الحرب بيننا وبينهم فاجعلها لي شهادة ولا تمتني حتى تقر عيني من بني قريظة» ثم حمل إلى المسجد فأقام له النبي خيمة فيه ليعوده من قريب ثم كواه النبي بالنار مرتين فانتفخت يده ونزف الدم، فلما رأى سعد ذلك قال: «اللهم لا تخرج نفسي حتى تقر عيني من بني قريظة فما قطر عرقه قطرة بعدها».
ولما حاصر النبي بني قريظة طلبوا منه أن ينزلوا على حكم سعد بن معاذ، وكانوا مواليه وحلفاءه في الجاهلية. فجاء سعد رسول الله مستنداً على حمار له، فلما رآه قال: «قوموا إلى سيدكم فقاموا إليه فأنزلوه» فقال له النبي : «احكم فيهم» قال: «فإني أحكم أن تقتل الرجال وتقسم الأموال وتسبى الذراري». فقال : «لقد حكمت فيهم بحكم الله ورسوله فلما قتل آخر رجل منهم انفجر الدم من عرقه» واحتضنه النبي : «فجعلت الدماء تسيل على رسول الله وجعل أبو بكر وعمر يبكيان ويسترجعان» وتوفي على إثرها فاهتز له عرش الرحمن.
حضر رسول الله تغسيله ودفنه، ولما وضع في قبره كبر رسول الله وكبر المسلمون حتى ارتج البقيع. فقال رسول الله : «تضايق القبر على صاحبكم وضم ضمة لو نجا منها أحد لنجا سعد»، ثم فرج الله عنه، ولما انصرف من جنازته ذرفت دموعه حتى بلت لحيته. وندبته أمه فقال : «كل نادبة كاذبة إلا نادبة سعد». وأهدى رسول الله ثوب حرير جعل الصحابة يتعجبون من لينه وحسنه، فقال : «مناديل سعد في الجنة أحسن من هذا». توفي وهو ابن سبع وثلاثين سنة.
واليكم ملفات اخرى تخص الموضوع
ســعــد بـن مــعــاذ
سعد بن معاذ - هنيئا لك يا أبا عمرو
في العام الواحد والثلاثين من عمره، أسلم..
وفي السابع والثلاثين مات شهيدا..
وبين يوم اسلامه، ويوم وفاته، قضى سعد بن معاذ رضي الله عنه أياما شاهقة في خدمة الله ورسوله..
**
انظروا..
أترون هذا الرجل الوسيم، الجليل، الفارع الطول، المشرق الوجه، الجسيم، الجزل.؟؟
انه هو..
يقطع الأرض وثبا وركضا الى دار أسعد بن زرارة بيرى هذا الرجل الوافد من مكة مصعب بن عمير الذي بعث به محمدا عليه الصلاة والسلام الى المدينة يبشّر فيها بالتوحيد والاسلام..
أجل.. هو ذاهب الى هناك ليدفع بهذا الغريب خارج حدود المدينة، حاملا معه دينه.. وتاركا للمدينة دينها..!!
**
ولكنه لا يكاد يقترب من مجلس مصعب في دار ابن خالته أسيد بن زرارة، حتى ينتعش فؤاده بنسمات حلوة هبّت عليه هبوب العافية..
ولا يكاد يبلغ الجالسين، ويأخذ مكانه بينهم، ملقيا سمعه لكلمات مصعب حتى تكون هداية الله قد أضاءت نفسه وروحه..
وفي احدى مفاجآت القدر الباهرة المذهلة، يلقي زعيم الأنصار حبته بعيدا، ويبسط يمينه مبايعا رسول الله صلى الله عليه وسلم..
وباسلام سعد بن معاذ تشرق في المدينة شمس جديدة، ستدور في فلكها قلوب كثيرة تسلم مع حمد لله رب العالمين..!!
أسلم سعد.. وحمل تبعات اسلامه في بطولة وعظمة..
وعندما هاجر رسول الله وصحبه الى المدينة كانت دور بني عبد الأشهل قبيلة سعد مفتحة الأبواب للمهاجرين، وكانت أموالهم كلها تحت تصرّفهم في غير منّ، ولا أذى.. ولا حساب..!!
**
وتجيء غزوة بدر..
ويجمع رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه من المهاجرين والأنصار، ليشاورهم في الأمر.
وييمّم وجهه الكريم شطر الأنصار ويقول:
" أشيروا عليّ أيها الناس.."
ونهض سعد بن معاذ قائما كالعلم.. يقول:
" يا رسول الله..
لقد آمنا بك، وصدّقناك، وشهدنا أن ما جئت به هو الحق، وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا..
فامض يا رسول الله لما أردت، فنحن معك..
ووالذي بعثك بالحق، لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك، وما تخلف منا رجل واحد، وما نكره أن تلقى بنا عدونا غدا..
انا لصبر في الحرب، صدق في اللقاء..
ولعلّ الله يريك ما تقرّ به عينك...
فسر بنا على بركة الله"...
**
أهلت كلمات سعد كالبشريات، وتألق وجه الرسول رضا وسعادة وغبطة، فقال للمسلمين:
" سيروا وأبشروا، فان الله وعدني احدى الطائفتين.. والله لكأني أنظر الى مصرع القوم"..
وفي غزوة أحد، وعندما تشتت المسلمون تحت وقع الباغتة الداهمة التي فاجأهم بها جيش المشركين، لم تكن العين لتخطئ مكان سعد بن معاذ..
لقد سمّر قدميه في الأرض بجوار رسول الله صلى الله عليه وسلم، يذود عنه ويدافع في استبسال هو له أهل وبه جدير..
**
وجاءت غزوة الخندق، لتتجلى رجولة سعد وبطولته تجليا باهرا ومجيدا..
وغزوة الخندق هذه، آية بينة على المكايدة المريرة الغادرة التي كان المسلمون يطاردون بها في غير هوادة، من خصوم لا يعرفون في خصومتهم عدلا ولا ذمّة..
فبينما رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه يحيون بالمدينة في سلام يعبدون ربهم، ويتواصون بطاعته، ويرجون أن تكف قريش عن اغارتها وحروبها، اذا فريق من زعماء اليهود يخرجون خلسة الى مكة محرّضين قريشا على رسول الله، وباذلين لها الوعود والعهود أن يقفوا بجانب القرشيين اذا هم خرجوا لقتال المسلمين..
واتفقوا مع المشركين فعلا، ووضعوا معا خطة القتال والغزو..
وفي طريقهم وهم راجعون الى المدينة حرّضوا قبيلة من أكبر قبائل العرب، هي قبيلة غطفان واتفقوا مع زعمائها على الانضمام لجيش قريش..
وضعت خطة الحرب، ووظعت أدوارها.. فقريش وغطفان يهاجمان المدينة بجيش عرمرم كبير..
واليهود يقومون بدور تخريبي داخل المدينة وحولها في الوقت الذي يباغتها فيه الجيش المهاجم..
ولما علم النبي عليه الصلاة والسلام بالمؤامرة الغادرة راح يعدّ لها العدّة.. فأمر بحفر خندق حول المدينة ليعوق زحف المهاجمين.
وأرسل سعد بن معاذ وسعد بن عبادة الى كعب بن أسد زعيم يهود بني قريظة، ليتبيّنا حقيقة موقف هؤلاء من الحرب المرتقبة، وكان بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين يهود بني قريظة عهود ومواثيق..
فلما التقى مبعوثا الرسول بزعيم بني قريظة فوجئا يقول لكم:
" ليس بيننا وبين محمد عهد ولا عقد"..!!
**
عز على الرسول عليه الصلاة والسلام أن يتعرض أهل المدينة لهذا الغزو المدمدم والحصار المنهك، ففكر في أن يعزل غطفان عن قريش، فينقض الجيش المهاجم بنصف عدده، ونصف قوته، وراح بالفعل يفاوض زعماء غطفان على أن ينفضوا أيديهم عن هذه الحرب، ولهم لقاء ذلك ثلث ثمار المدينة، ورضي قادة غطفان، ولم يبق الا أن يسجل الاتفاق في وثيقة ممهورة..
وعند هذا المدى من المحاولة، وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم اذ لم ير من حقه أن ينفرد بالأمر، فدعا اليه أصحابه رضي الله عنهم ليشاورهم..
واهتم عليه الصلاة والسلام اهتماما خاصا برأي سعد بن معاذ، وسعد بن عبادة.. فهما زعيما المدينة، وهما بهذا أصحاب حق أول في مناقشة هذا الأمر، واختيار موقف تجاهه..
**
قصّ رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهما حديث التفاوض الذي جرى بينه وبين زعماء غطفان.. وأنبأهما أنه انما لجأ الى هذه المحاولة، رغبة منه في أن يبعد عن المدينة وأهلها هذا الهجوم الخطير، والحصار الرهيب..
وتقدم السعدان الى رسول الله بهذا السؤال:
" يا رسول الله..
أهذا رأي تختاره، أم وحي أمرك الله به"؟؟
قال الرسول:
" بل أمر أختاره لكم..
والله ما أصنع ذلك الا لأنني رأيت العرب قد رمتكم عن قوس واحدة، وكالبوكم من كل جانب، فأردت أن أكسر عنكم شوكتهم الى أمر ما"..
وأحسّ سعد بن معاذ أن أقدارهم كرجال ومؤمنين تواجه امتحانا، أي امتحان..
هنالك قال:
" يا رسول الله..
قد كنا وهؤلاء على الشرك وعبادة الأوثان لا نعبد الله ولا نعرفه، وهم لا يطمعون أن يأكلوا من مدينتنا تمرة، الا قرى، أي كرما وضيفة، أ، بيعا..
أفحين أكرمنا الله بالاسلام، وهدانا له، وأعزنا بك وبه، نعطيهم أموالنا..؟؟
والله ما لنا بهذا من حاجة..
ووالله لا نعطيهم الا السيف.. حتى يحكم الله بيننا وبينهم"..!!
وعلى الفور عدل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رأيه، وأنبأ زعماء غطفان أن أصحابه رفضوا مشروع المفاوضة، وأنه أقرّ رأيهم والتزم به..
**
وبعد أيام شهدت المدينة حصارا رهيبا..
والحق أنه حصار اختارته هي لنفسها أكثر مما كان مفروضا عليها، وذلك بسبب الخندق الذي حفر حولها ليكون جنّة لها ووقاية..
ولبس المسلمون لباس الحرب.
وخرج سعد بن معاذ حاملا سيفه ورمحه وهو ينشد ويقول:
لبث قليلا يشهد الهيجا الجمل ما أجمل الموت اذا حان الأجل
وفي احدى الجولات تلقت ذراع سعد سهما وبيلا، قذفه به أحد المشركين..
وتفجّر الدم من وريده وأسعف سريعا اسعافا مؤقتا يرقأ به دمه، وأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يحمل الى المسجد، وأن تنصب له به خيمة حتى يكون على قرب منه دائما أثناء تمريضه..
وحمل المسلمون فتاهم العظيم الى مكانه في مسجد الرسول..
ورفع سعد بصره الى السماء وقال:
" اللهم ان كنت أبقيت من حرب قريش شيئا فأبقني لها... فانه لا قوم أحب اليّ أن أجاهدهم من قوم آذوا رسولك، وكذبوه، وأخرجوه..
وان كنت قد وضعت الحرب بيننا وبينهم، فاجعل ما أصابني اليوم طريقا للشهادة..
ولا تمتني حتى تقرّ عيني من بني قريظة"..!
**
لك الله يا سعد بن معاذ..!
فمن ذا الذي يستطيع أن يقول مثل هذا القول، في مثل هذا الموقف سواك..؟؟
ولقد استجاب الله دعاءه..
فكانت اصابته هذه طريقه الى الشهادة، اذ لقي ربه بعد شهر، متأثرا بجراحه..
ولكنه لم يمت حتى شفي صدرا من بني قريظة..
ذلك أنه بعد أن يئست قريش من اقتحام المدينة، ودبّ في صفوف جيشها الهلع، حمل الجميع متاعهم وسلاحهم، وعادوا مخذولين الى مكة..
ورأى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ترك بني قريظة، يفرضون على المدينة غدرهم كما شاؤوا، أمر لم يعد من حقه أن يتسامح تجاهه..
هنالك أمر أصحابه بالسير الى بني قريظة.
وهناك حاصروهم خمسة وعشرين يوما..
ولما رأى هؤلاء ألا منجى لهم من المسلمين، استسلموا، وتقدموا الى رسول الله صلى الله عليه وسلم برجاء أجابهم اليه، وهو أن يحكم فيهم سعد بن معاذ.. وكان سعد حليفهم في الجاهلية..
**
أرسل النبي صلى الله عليه وسلم من أصحابه من جاؤوا بسعد بن معاذ
من مخيمه الذي كان يمرّض فيه بالمسجد..
جاء محمولا على دابة، وقد نال منه الاعياء والمرض..
وقال له الرسول:
" يا سعد احكم في بني قريظة".
وراح سعد يستعيد محاولات الغدر التي كان آخرها غزوة الخندق والتي كادت لبمدينة تهلك فيها بأهلها..
وقال سعد:
" اني أرى أن يقتل مقاتلوهم..
وتسبى ذراريهم..
وتقسّم أموالهم.."
وهكذا لم يمت سعد حتى شفي صدره من بني قريظة..
**
كان جرح سعد يزداد خطرا كل يوم، بل كل ساعة..
وذات يوم ذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم لعيادته، فألفاه يعيش في لحظات الوداع فأخذ عليه الصلاة والسلام رأسه ووضعه في حجره، وابتهل الى الله قائلا:
" اللهم ان سعدا قد جاهد في سبيلك، وصدّق رسولك وقضى الذي عليه، فتقبّل روحه بخير ما تقبّلت به روحا"..!
وهطلت كلمات النبي صلى الله عليه وسلم على الروح المودّعة بردا وسلاما..
فحاول في جهد، وفتح عينيه راجيا أن يكون وجه رسول الله آخر ما تبصرانه في الحياة وقال:
" السلام عليك يا رسول الله..
أما اني لأشهد أنك رسول الله"..
وتملى وجه النبي وجه سعد آن ذاك وقال:
" هنيئا لك يا أبا عمرو".
**
يقول أبو سعيد الخدري رضي الله عنه:
" كنت ممن حفروا لسعد قبره..
وكنا كلما حفرنا طبقة من تراب، شممنا ريح المسك.. حتى انتهينا الى اللحد"..
وكان مصاب المسلمين في سعد عظيما..
ولكن عزاءهم كان جليلا، حين سمعوا رسولهم الكريم يقول:
" لقد اهتز عرش الرحمن لموت سعد بن معاذ"..
اللهم احشرنا مع النبيين والصديقين والشهداء
واليكم ملفات اخرى تخص الموضوع
سعد بن معاذ.. أسلم على يد مصعب بن عمير المبعوث الأول لرسول الله، صلى الله عليه وسلم، إلى المدينة ، بعد بيعة العقبة الأولى.
من العنف إلى الإيمانحين علم سعد بن معاذ أن ابن خالته أسعد بن زرارة يجمع الناس في بيته ويأتي إليهم مصعب بن عمير ويدعوهم إلى الإسلام، ويدخلون في هذا الدين الجديد غضب، وقال “ما هذا الذي يجري بين ظهرانينا، يفتن الضعفاء منا ويخرجهم من دينهم ودين آبائهم؟” وأخذ حربته وذهب إلى ابن خالته أسعد بن زرارة ليقفا وجها لوجه أمام مصعب بن عمير.
وقف سعد أمام أسعد ومصعب، متشتما يتكلم بكلام شديد وعنيف، وكان رجلا فيه شيء من الحدة قائلا “اتركوا ديارنا”، فرد مصعب “أو غير ذلك؟ قال وما غير ذلك؟” قال “تجلس فتسمع منا فإن أعجبك ما قلناه وقبلته فالحمد لله، وإن كان غير ذلك عجلنا عنك ما تكره”، قال سعد: أنصفت، فجلس وتلا مصعب عليه القرآن، وعرض عليه الإسلام.
قال أسعد ومصعب: فعرفنا الإسلام في وجهه قبل أن يعلنه، فانفرجت أساريره، وظهر التأثر، فقال “ما الذي يطلب من الإنسان إذا أراد أن يدخل دينكم هذا، قال له تذهب فتغتسل وتتطهر وتطهر ثوبك وتصلي ركعتين وتشهد شهادة الحق”، ففعل ذلك وشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله.
أسلم قومه على يديهعاد “سعد” بعد ذلك إلى قومه الذين خرج من عندهم غاضبا، فحينما رأوه من بعيد قالوا لقد عاد سعد بغير الوجه الذي ذهب به، فجمع قومه في داره وقال لهم: يا بني عبد الأشهل تعلمون ما أمري فيكم، قالوا: سيدنا وأفضلنا رأيا، وأيمننا نقيبا، قال: إن كلامكم عليّ حرام، رجالكم ونسائكم، حتى تؤمنوا بالله ورسوله، فقالوا جميعا: آمنا بالله ورسوله، فلم يكن رجل أيمن ولا أبرك على قومه من سعد بن معاذ، فلم يبق في بني عبد الأشهل من رجل أو امرأة إلا دخل في الإسلام.
جندي الإسلامنذر سعد بن معاذ أن يكون رجل وجندي الإسلام، يجند نفسه لهذا الدين، ولذلك كان له مواقفه في الغزوات التي شهدها، ولم يشهد إلا ثلاث غزوات ثم استشهد، شهد بدرا وأحدا والخندق، وفي الخندق وافته الشهادة.
ومن هذه المواقف، أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم حينما خرج مع بعض الصحابة وكان منهم الكارهون كما قال تعالى: “كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ وإن فريقاً من المؤمنين لكارهون” (5-الأنفال) وخرجت قريش على بكرة أبيها حينما أخبرت بأن محمدا يتعرض لقافلتها التجارية.
حينما علموا أن قافلتهم نجت، وقال عقلاؤهم، لقد نجت القافلة فهيا نعد إلى مكة، رفض أبو جهل وقال “لا،حتى نذهب ونرد ماء بدر، وننحر الجزور ونشرب الخمور، وتعزف علينا القيان ويسمع بنا العرب فلا يزالون يهابوننا أبد الدهر”، وكان لا بد أن يقابل الرسول، صلى اللَّه عليه وسلم، هذا التحدي بمثله، كان لابد من اللقاء.
أراد النبي، صلى اللَّه عليه وسلم، أن يستشير الناس ، فقال لمن معه وكانوا ثلاثمائة وبضعة عشر رجلا: أشيروا عليّ أيها الناس، فقام أبو بكر، وقام عمر، كل تكلم وأحسن، وقال المقداد بن الأسود من المهاجرين: واللَّه لا نقول لك يا رسول اللَّه كما قالت بنو إسرائيل لموسى “اذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون”، ولكن نقول لك اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون.
وقال سعد بن معاذ رضي اللَّه عنه من الانصار: “لقد آمنا بك وصدقناك، وشهدنا أن ما جئت به هو الحق، فو اللَّه لو استعرضت بنا هذا البحر وخضته لخضناه معك، ما تخلف منا رجل واحد، وإنا لقوم صُبر في الحرب، صُدق عند اللقاء، ولعل اللَّه تعالى يريك منا ما تقر به عينك، فسالم من شئت وحارب من شئت، وصل حبال من شئت واقطع حبال من شئت”.
سُرَّ رسول اللَّه، صلى اللَّه عليه وسلم، بكلام سعد وأنار وجهه، كأنه فلقة قمر، وقال: سيروا على بركة اللَّه، واللَّه لكأني أرى مصارع القوم.
مشورة حربيةوكان لسعد بن معاذ في غزوة بدر موقف آخر، حيث قال للرسول، صلى الله عليه وسلم: “يا رسول الله ألا نبني لك عريشا تظل فيه وتشرف على المعركة، فإن ظفرنا الله بعدونا فهذا ما نحب، وإن كانت الأخرى وضعنا إبلنا بجوار العريش، تركب هذه الركائب وتعود إلى المدينة، فإن فيها والله لقوما يحبونك أكثر مما نحبك ويذودون عنك بأكثر مما نذود عنك، ولو عرفوا أن هناك حربا ما تخلفوا”، فاستحسن الرسول اقتراحه وبنى له سعد العريش وبقي فيه يطل على المعركة.
وكان سعد يقف بجوار رسول الله عند العريش الذي بُني له، ورأى الصحابة اهتموا بأسر المشركين، فرأى رسول الله في وجه سعد ما يشبه الكراهية لهذا الأمر، فقال له: كأني أراك تكره هذا يا سعد؟، قال سعد: إي والله يا رسول الله، هذه أول معركة نلقى فيها المشركين، فكان الإثخان أحب إليّ من أسر الرجال، وبهذا نزل القرآن: “مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ”(67-الأنفال.
الثبات يوم أحدوكان بن معاذ أحد الذين ثبتوا في المعركة يوم “أحد” ونافحوا عن رسول الله، ولم يفروا حينما سمعوا شائعة قتل النبي، صلى الله عليه وسلم، ففُت في عضد الكثيرين وفروا، لكن سعد بن معاذ لم يفر، ولقي أنس بن النضر، قال له أنس: يا سعد إنها الجنة والله، أجد ريحها من وراء أحد، واستشهد أنس بن النضر ووجدوا في جسمه ثمانين ما بين ضربة بسيف وطعنة برمح ورمية بسهم، فما عرفه أحد إلا أخته بعلامة في بنانه، في طرف أصابعه، وفيه نزل قول الله تعالى ” مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً “(23-الأحزاب.
غزوة الخندق كان المفروض في هذه الغزوة أن يكون يهود بني قريظة الذين يعيشون في ضواحي المدينة وأطرافها وبينهم وبين الرسول معاهدة، أن يكونوا مع رسول الله ضد المهاجمين بالمال وبالسلاح وبالرجال إذا احتاج الرجال، لكن اليهود انتهزوا الفرصة، وقالوا هذا الجيش العرمرم الذي يغزو المدينة، إنها فرصة لا تعوض أن ننضم إلى هذا الجيش ونطبق على محمد وأصحابه فلا تقوم لهم قائمة .
وأعلنوا غدرهم برسول الله، ونقضهم للمعاهدة، وأرسل لهم النبي بعض من كانوا حلفاءهم في الجاهلية، فذهب سعد ومعه جماعة من قومه من الأوس ليكلموا هؤلاء اليهود عسى أن يثوبوا إلى رشدهم ويراجعوا أنفسهم ويعودوا إلى الصواب فحدثوهم عن عهدهم إلى رسول الله وعهد رسول الله إليهم، فشاتمهم، فرد اليهود قائلين: من رسول الله؟ لا نعرف أحدا، ليس بيننا وبين أحد عهد، وأساءوا القول وأساءوا الفعل وردوا أسوأ الرد.
عاد سعد وهو يدعو عليهم ويسأل الله أن ينتقم منهم، وأخبر رسول الله بغدرهم المعلن المجاهر، فقال النبي أبشروا. إن هذا الغدر يبشر بخير لأنه دائما من نكث فإنما ينكث على نفسه ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله.
لا ثمر إلا بحقهعاش المسلمون أياما عصيبة، واشتد الأمر على رسول الله وأصحابه، حتى فكر النبي أن يفرق المهاجمين: يضرب بعضهم ببعض فأرسل إلى غطفان وإلى سادتهم يفاوضهم في أن يدفع لهم ثلث ثمار المدينة ويرجعوا ويتركوا قريشا وحدها.
كانت المفاوضات تجري بين النبي وغطفان، وعلم السعدان: سعد بن معاذ، وسعد بن عبادة سيد الأوس وسيد الخزرج فأسرعا القدوم على الرسول وقالا: سمعنا ما قمت به يا رسول الله أهذا وحي أوحاه الله إليك ليس لنا أن نتقدم عنه أو نتأخر عنه؟ أم هو أمر رأيته شفقة علينا ولمصلحتنا؟ قال بل هو رأي رأيته شفقة عليكم وأردت أن أعزل عدوكم وأفرق بينهم، فقالوا: لا والله يا رسول الله لقد كنا مع هؤلاء القوم بالجاهلية نعبد الأصنام ويعبدونها وما يطمع أحد منهم أن يأكل ثمرة من ثمرات المدينة إلا بيعا أو قرى، أو بعد أن أكرمنا الله بالإسلام وآمنا بك وصدقناك نعطي الدنية في ديننا؟ ونطعمهم من ثمار مدينتنا لا يحكم بيننا وبينهم إلا السيف؟.
إلى المعركةتهيأ سعد بن معاذ لهذه المعركة، ولبس درعا ومرَّ على عائشة رضي الله عنها وكانت تجلس مع أم سعد، فوجدت درع سعد لا يغطي ذراعيه كليهما، فقالت لأمه: يا أم سعد! وددت والله لو كانت درع سعد أسبغ من هذا؛ لأن ذراعه مكشوف، فلا يُؤْمَنُ أن يصيبه سهم.
كأن عائشة كانت تقرأ الغيب، أرسل رجل من قريش سهمه في ذراع سعد فأصاب أكحله، فانفجر الدم من هذا العرق، كواه النبي فلم يفلح الكي، فأخذه النبي إلى المسجد وكانت هناك امرأة من المسلمين اسمها “رفيدة” تمرض الجرحى وتسعفهم يعتبرونها أول ممرضة في الإسلام، وقامت على أمر سعد، وكان النبي يمر عليه في الصباح يقول كيف أصبحت، ويمر عليه في المساء ويقول كيف أمسيت.
ثم بعد أن رد الله المشركين وأرسل عليهم الريح، استشار النبي سعد بن معاذ في أمر حلفائه في الجاهلية يهود بني قريظة، وفرح بنو قريظة أن استشار الرسول فيهم سعدا وظنوا أنه سيجاملهم، وقالوا رضينا بحكمه، فقال الرسول احكم فيهم يا سعد، فقال: أما إني أحكم أن تقتل مقاتلتهم، وتسبى ذراريهم ونساؤهم، وتغنم أموالهم، فقال النبي، صلى الله عليه وسلم: لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبع سموات. وكان لا بد أن يحاكموا بالشدة، ولو تركوا لعادوا مرة ومرة.. ونفذ رسول الله فيهم الحكم.
استشهاد سعدظل جرح سعد بن معاذ بعد أن سكن فترة يثغب دما، فنظر سعد إلى جرحه وقال: “اللهم إن كنت قد أبقيت من حرب قريش شيئا فأبقني حتى أشهدها فإنه ليس أحب إليّ من أن أغزو قوما كذّبوا رسولك وآذوك، وعذبوه وأخرجوه، وإن كنت لم تبعد بيننا وبين قريش حربا، فأفجر هذه الجراحة واجعلها شهادة لي، ولا تمتني يا رب حتى تقر عيني من بني قريظة”، فما أن حكم حكمه في بني قريظة حتى انفجر جرحه وكان فيه شهادته، ولقي ربه.
قال النبي: “لقد اهتز عرش الرحمن لموت سعد بن معاذ”، وهو ابن سبع أو ثمانٍ وثلاثين سنة، سنوات قصيرة حافلة بالخيرات والبطولات، وصلى النبي وأصحابه على سعد بن معاذ.
قال الإمام الذهبي: عرش الرحمن هو خلق من خلق الله يهتز لمن يشاء الله أن يهتز له، كما قال النبي عن أحد: إن أحدا جبل يحبنا ونحبه. وهو خَلْق من خَلْق الله جماد.